فصل: (تابع: اللواحق)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ اللواحق‏]‏

هلا‏:‏ هَلا‏:‏ زجر للخيل أَي تَوَسَّعى وتَنحِّيْ، وقد ذكر في المعتل لأن هذا باب مبني على أَلِفات غير مُنْقَلِبات من شيء‏.‏ وقال ابن سيده‏:‏ هَلا

لامُه ياء فذكرناه في المعتل‏.‏

هنا‏:‏ هُنا‏:‏ ظَرْفُ مكان، تقول جَعَلْتُه هُنا أَي في هذا الموضع‏.‏

وهَنَّا بمعنى هُنا‏:‏ ظرف‏.‏ وفي حديث علي، عليه السلام‏:‏ إِنَّ هَهُنا عِلْماً، وأَوْمَأَ بيَدِه إِلى صَدْرِه، لو أَصَبْتُ له حَمَلةً؛ ها، مَقصورة‏:‏ كلمة

تَنْبِيه للمُخاطَب يُنَبَّه بها على ما يُساقُ إِليه من الكلام‏.‏ ابن السكيت‏:‏ هُنا هَهُنا موضعٌ بعينه‏.‏ أَبو بكر النحوي‏:‏ هُنا اسم موضع في البيت، وقال قوم‏:‏ يَوْمَ هُنا أَي يَوْمَ الأَوَّل؛ قال‏:‏

إِنَّ ابْنَ عاتِكَة المَقْتُولَ، يَوْمَ هُنا، خَلَّى عَليَّ فِجاجاً كانَ يَحْمِيها

قوله‏:‏ يَوْمَ هُنا هو كقولك يَوْمَ الأَوَّلِ؛ قال ابن بري في قول امرئ

القيس‏:‏

وحَديثُ الرَّكْبِ يَوْمَ هُنا

قال‏:‏ هُنا اسم موضع غيرُ مَصْرُوف لأَنه ليس في الأَجْناس معروفاً، فهو كجُحَى، وهذا ذكره ابن بري في باب المعتل‏.‏ غيره‏:‏ هُنا وهُناك للمكان

وهُناك أَبْعَدُ من ههُنا‏.‏ الجوهري‏:‏ هُنا وهَهُنا للتقريب إِذا أَشرتَ إِلى

مكان، وهُناك وهُنالِكَ للتَّبْعِيدِ، واللام زائدة والكاف للخطاب، وفيها

دليل على التبعيد، تفتح للمذَكَّرِ وتكسر للمُؤَنَّثِ‏.‏ قال الفراء‏:‏ يقال اجْلِسْ ههُنا أَي قريباً، وتَنَحَّ ههُنا أَي تَباعَدْ أَو ابْعُدْ

قليلاً، قال‏:‏ وهَهِنَّا أَيضاً تقوله قَيْسٌ وتَمِيمٌ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ وسمعت

جماعة من قيس يقولون اذْهَبْ هَهَنَّا بفتح الهاء، ولم أَسْمَعْها بالكسر

من أَحد‏.‏ ابن سيده‏:‏ وجاء من هَني أَي من هُنا، قال‏:‏ وجِئتُ من هَنَّا ومن هِنَّا‏.‏ وهَنَّا بالفتح والتشديد‏:‏ معناه هَهُنا‏.‏ وهَنَّاك أَي هُناك؛ قال الراجز‏:‏

لَمَّا رأَيت مَحْمِلَيْها هَنَّا

ومنه قولهم‏:‏ تَجَمَّعُوا من هَنَّا ومِنْ هَنَّا أَي من هَهُنا ومن هَهُنا؛ وقول الشاعر‏:‏

حَنَّت نَوارُ، ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ، وبَدا الذي كانَتْ نَوارُ أَجَنَّتِ

يقول‏:‏ ليس ذا موضع حَنِينٍ؛ قال ابن بري‏:‏ هو لجَحْل بن نَضْلَة وكان

سَبى النَّوارَ بنتَ عمْرو ابن كَلْثوم؛ ومنه قول الراعي‏:‏

أفي أَثَرِ الأَظْعانِ عَيْنُكَ تَلْمَحُ‏؟‏

نَعَمْ لاتَ هَنَّا، إنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ

يعني ليس الأَمر حيثما ذهبت؛ وقوله أَنشده أَبو الفتح بن جني‏:‏

قدْ وَرَدَتْ مِنْ أَمْكِنَهْ، مِنْ هَهُنا ومِنْ هُنَهْ

إِنما أَراد‏:‏ ومن هُنا فأَبدل الأَلف هاء، وإنما لم يقل وها هُنَهْ لأن قبله أَمْكِنَهْ، فمن المُحال أَن تكون إحدى القافيتين والأُخرى غير

مؤسسة‏.‏ وهَهِنَّا أَيضاً تقوله قيس وتميم، والعرب تقول إذا أَرادت البُعْد‏:‏

هَنَّا وهَهَنَّا وهَنَّاكَ وهَهَنَّاك، وإذا أَرادت القرب قالت‏:‏ هُنا

وهَهُنا‏.‏ وتقول للحبيب‏:‏ هَهُنا وهُنا أَي تَقَرَّبْ وادْنُ، وفي ضدّه

للبَغِيض‏:‏ هَهَنَّا وهَنَّا أَي تَنَحَّ بَعِيداً؛ قال الحطيئة يهجو

أُمه‏:‏ فهَهَنَّا اقْعُدِي مِني بَعِيداً، أَراحَ اللهُ مِنَّكِ العالَمِينا

وقال ذو الرمة يَصِفُ فلاةً بَعِيدةَ الأَطْراف بعيدةَ الأَرجاء كثيرة

الخَيرِ‏:‏

هَنَّا وهَنَّا ومِنْ هَنَّا لَهُنَّ بها، ذاتَ الشَّمائلِ والأَيْمانِ، هَيْنُومُ

الفراء‏:‏ من أَمثالهم‏:‏

هَنَّا وهَنَّا عَنْ جِمالِ وَعْوَعَهْ

كما تقول‏:‏ كلُّ شيء ولا وَجَع الرأْسِ، وكلُّ شيء ولا سَيْف فَراشةَ، ومعنى هذا الكلام إذا سَلِمْتُ وسَلِمَ فلان فلم أَكْتَرِثْ لغَيرِه؛ وقال شمر‏:‏ أَنشدنا ابن الأعرابي للعجاج‏:‏

وكانتِ الحَياةُ حِينَ حَيَّتِ، وذِكْرُها هَنَّتْ فلاتَ هَنَّتِ

أَراد هَنَّا وهَنَّهْ فصيره هاء للوقف‏.‏ فلاتَ هَنَّتْ أَي ليس ذا موضعَ

ذلك ولا حِينَه، فقال هَنَّت بالتاء لما أَجرى القافية لأَن الهاء تصير

تاء في الوصل؛ ومنه قول الأَعشى‏:‏

لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيرةَ أَمن جاء مِنْها بطائفِ الأَهوالِ

قال الأَزهري‏:‏ وقد مضى من تفسير لاتَ هَنَّا في المعتل ما ذكر هُناك

لأَن الأَقرب عندي أَنه من المُعْتَلاَّتِ؛ وتقَدّم فيه‏:‏

حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ، وأَنَّى لكِ مَقْروعُ

رواه ابن السكيت‏:‏

وكانتِ الحَياةُ حِينَ حُبَّتِ

يقول‏:‏ وكانت الحياةُ حِينَ تُحَبُّ‏.‏ وذِكْرُها هَنَّتْ، يقول‏:‏ وذِكرُ

الحَياةِ هُناكَ ولا هناك أَي لِليأْس من الحياة؛ قال ومدح رجلاً

بالعطاء‏:‏ هَنَّا وهَنَّا وعلى المَسْجوحِ

أَي يُعْطِي عن يمين وشمال، وعلى المَسْجُوح أَي على القَصْد؛ أَنشد ابن السكيت‏:‏

حَنَّتْ نَوارُ ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ، وبَدا الذي كانتْ نَوارُ أَجَنَّتِ

أَي ليس هذا موضعَ حَنِينٍ ولا في موضِع الحَنِينِ حَنَّتْ؛ وأَنشد

لبَعضِ الرُّجَّازِ‏:‏

لمَّا رأَيتُ مَحْمِلَيْها هَنَّا

مُخَدَّرَيْنِ، كِدْتُ أَنَّ أُجَنَّا

قوله هَنَّا أَي هَهَنَّا، يُغَلِّطُ به في هذا الموضع‏.‏ وقولهم في النداء‏:‏ يا هَنَّاه بزيادة هاء في آخره، وتصِيرُ تاء في الوصل، قد ذكرناه

وذكرنا ما انتقده عليه الشيخ أَبو محمد بن بري في ترجمة هنا في المُعْتَلّ‏.‏

وهُنا‏:‏ اللَّهْوُ واللَّعِبُ، وهو مَعْرِفةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لامرئ

القيس‏:‏

وحَدِيثُ الرَّكْبِ يَوْمَ هُنا، وحَدِيثٌ مَّا على قِصَرِهْ

ومن العرب من يقول‏:‏ هَنا وهَنْتَ بمعنى أَنا وأَنتَ، يَقْلِبون الهمزة

هاء وينشدون بيت الأَعشى‏:‏

يا ليتَ شِعْرِي هل أَعُودنْ ناشِئاً *** مِثْلي، زُمَيْنَ هَنا بِبُرْقةِ أَنْقَدا‏؟‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الهُنا الحَسَبُ الدَّقِيقُ الخَسِيسُ؛ وأَنشد‏:‏

حاشَى لفرْعَيْكَ مِن هُنا وهُنا *** حاشَى لأَعْراقِكَ التي تَشبحُ

هيا‏:‏ هَيا‏:‏ من حروفِ النَّداء، وأَصلها أَيا مثل هَراقَ وأَراقَ؛ قال الشاعر‏:‏

فأَصاخَ يَرْجُو أَن يكون حَيّاً، ويقولُ من طَرَبٍ‏:‏ هَيا رَبَّا

وا‏:‏ الواو‏:‏ من حروف المُعْجم، وَوَوٌ حرفُ هجاء

واوٌ‏:‏ حرف هجاء، وهي مؤلفة من واو وياء وواو، وهي حرف مهجور يكون أَصلاً

وبدلاً وزائداً، فالأَصل نحو وَرَلٍ وسَوْطٍ ودَلْوٍ، وتبدل من ثلاثة

أَحرف وهي الهمزة والأَلف والياء، فأَما إبدالها من الهمزة فعلى ثلاثة

أَضرب‏:‏ أَحدها أَن تكون الهمزة أَصلاً، والآخر أَن تكون بدلاً، والآخر أن تكون زائداً، أَمَّا إبدالها منها وهي أَصل فأَن تكون الهمزة مفتوحة وقبلها

ضمة، فمتى آثرت تخفيف الهمزة قلبتها واواً، وذلك نحو قولك في جُؤَنٍ

جُوَن، وفي تخفيف هو يَضْرِبُ أَباكَ يَضْرِبُ وَباك، فالواو هنا مُخَلَّصةٌ

وليس فيها شيء من بقية الهمزة المُبْدَلِة، فقولهم في يَمْلِكُ أَحَدَ

عَشَرَ هو يَمْلِكُ وَحَدَ عَشَرَ، وفي يَضْرِبُ أَباهُ يَضْرِبُ وَباه، وذلك أَن الهمزة في أَحدَ وأَباهُ بدل من واو، وقد أُبْدِلت الواو من همزة

التأْنيث المُبْدَلة من الأَلف في نحو حَمْراوانِ وَصَحْراواتٍ

وصَفْراوِيٍّ، وأَما إبدالُها من الهمزة الزائدة فقولك في تخفيف هذا غلامُ

أَحْمَدَ‏:‏ هذا غلامُ وَحْمَدَ، وهو مُكْرِمُ أَصْرَمَ‏:‏ هو مُكْرِمُ وَصْرَمَ، وأَما إبدال الواو من الأَلف أَصليةً فقولك في تثنية إلى وَلَدَى وإذا

أَسماء رجال‏:‏ إلَوانِ ولَدَوانِ وإذَ وانِ؛ وتحقيرها وُوَيَّةٌ‏.‏ ويقال‏:‏ واو

مُوَأْوَأَةٌ، وهمزوها كراهَةَ اتِّصالِ الواواتِ والياءَات، وقد قالوا

مُواواةٌ، قال‏:‏ هذا قول صاحب العين، وقد خرجت واوٌ بدليل التصريف إلى

أَنَّ في الكلام مثل وَعَوْتُ الذي نفاه سيبويه، لأن أَلف واو لا تكون إلا

منقلبةً كما أَنّ كل أَلف على هذه الصُّورة لا تكون إلا كذلك، وإذا كانت

مُنْقَلِبة فلا تخلو من أَن تكون عن الواو أَو عن الياء إذ لولا همزها فلا

تكون

عن الواو، لأنه إن كان كذلك كانت حروف الكلمة واحدة ولا

نعلم ذلك في الكلام البتة إلا بَبَّة وما عُرِّب كالكَكّ، فإذا بَطلَ

انْقِلابها عن الواو ثبت أَنه عن الياء فخرج إلى باب وعَوْت على الشذوذ‏.‏ وحكى

ثعلب‏:‏ وَوَّيْت واواً حَسَنة عَمِلتها، فإِن صح هذا جاز أَن تكون الكلمة

من واو وواو وياء، وجاز أَن تكون من واو وواو وواو، فكان الحكم على هذا

وَوَّوْتُ، غير أَن مُجاوزةَ الثلاثة قلبت الواوَ الأَخيرة ياء وحملها

أَبو الحسن الأَخفش على أَنها مُنْقَلِبةٌ من واو، واستدلَّ على ذلك بتفخيم

العرب إِيَّاها وأَنه لم تُسْمَع الإِمالةُ فيها، فقَضَى لذلك بأَنها من الواو وجعل حروف الكلمة كلها واوات، قال ابن جني‏:‏ ورأَيت أَبا علي يُنكر

هذا القول ويَذْهب إلى أَنَّ الأَلف فيها منقلبة عن ياء، واعتمد ذلك على

أَنه إن جَعَلَها من الواو كانت العين والفاء واللامُ كلها لفظاً

واحداً؛ قال أَبو علي‏:‏ وهو غير موجود؛ قال ابن جني‏:‏ فعدل إلى القَضاء بأَنها من الياء، قال‏:‏ ولست أَرَى بما أَنْكَره أَبو عليّ على أَبي الحسن بأْساً، وذلك أَنَّ أَبا عليّ، وإن كان كره ذلك لئلا تَصِيرَ حُروفُه كلُّها

واواتٍ، فإِنه إِذا قَضَى بأَنَّ الأَلف من ياء لتَخْتَلِف الحروف فقد حَصَل

بعد ذلك معه لفظ لا نظير له، أَلا ترى أَنه ليس في الكلام حرف فاؤه واو

ولامه واو إلاَّ قولنا واو‏؟‏ فإِذا كان قضاؤه بأَنَّ الأَلف من ياء لا

يخرجه من أَن يكون الحرف فَذًّا لا نظيرَ له، فقضاؤه بأَنَّ العينَ واوٌ

أَيضاً ليس بمُنْكَر، ويُعَضِّدُ ذلك أَيضاً شيئان‏:‏ أَحدهما ما وصَّى به سيبويه من أَنَّ الأَلف إذا كانت في موضع العين فأَنْ تكونَ منقلبةً عن الواو

أَكثرُ من أَن تكون منقلبةً عن الياء، والآخر ما حكاه أَبو الحسن من أَنه لم يُسْمَعْ عنهم فيها الإمالةُ، وهذا أَيضاً يؤكِّدُ أَنها من الواو، قال‏:‏ ولأَبي علي أَن يقولَ مُنْتَصِراً لكَوْنِ الأَلف عن ياء إنَّ الذي

ذَهَبْتُ أنا إليه أَسْوَغُ وأَقَلُّ فُحْشاً ممَّا ذهَبَ إليه أبو الحسنِ، وذلك أَنِّي وإنْ قَضَيْتُ بأَنَّ الفاء واللام واوان، وكان هذا مما

لا نظير له، فإني قد رأَيت العرب جعَلَتِ الفاء واللام من لفظ واحد

كثيراً، وذلك نحو سَلَسٍ وقَلَقٍ وحِرْحٍ ودَعْدٍ وفَيْفٍ، فهذا وإن لم يكن

فيه واو فإِنا وجدنا فاءه ولامه من لفظ واحد‏.‏ وقالوا أَيضاً في الياء التي

هي أُخت الواو‏:‏ يَدَيْتُ إِليه يداً، ولم نَرَهم جعلوا الفاء واللام

جميعاً من موضع واحد لا من واو ولا من غيرها، قال‏:‏ فقد دخل أَبو الحسن معي في أَن أَعترف بأَنَّ الفاء واللام واوان، إذ لم يجد بُدًّا من الاعتراف

بذلك، كما أَجده أَنا، ثم إِنه زاد عَمَّا ذَهَبْنا إِليه جميعاً شيئاً لا

نظير له في حَرْف من الكلام البتة، وهو جَعْلُه الفاء والعين واللام من موضع واحد؛ فأَمَّا ما أَنشده أَبو علي من قول هند بنت أَبي سفيان

تُرَقِّصُ ابنَها عبدَ الله بنَ الحَرث‏:‏

لأُنْكِحَنَّ بَبه جارِيةً خِدَبه فإِنما بَبِّهْ حكاية الصوت الذي كانت تُرَقِّصُه عليه، وليس باسم، وإِنما هو لَقَبٌ كقَبْ لصوت وَقْع السَّيْف، وطِيخِ للضَّحِك، ودَدِدْ

لصوت الشيء يَتَدَحْرَجُ، فإِنما هذه

أَصواتٌ ليست تُوزَنُ ولا تُمَثَّلُ بالفعل بمنزلة صَه ومَهْ ونحوهما؛ قال ابن جني‏:‏ فلأَجْل ما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب أَبي علي تَعادَلَ عندنا

المَذْهبان أَو قَرُبا من التَّعادُلِ، ولو جَمَعْتَ واواً على أَفعالٍ

لقلتَ في قول مَنْ جعل أَلِفَها منقلبةً من واو أَوَّاءٌ، وأَصلها

أَوَّاوٌ، فلما وقعت الواو طَرَفاً بعد أَلف زائدة قُلبت ألفا، ثم قلبت تلك

الأَلفُ هَمْزةً كما قلنا في أَبْنَاء وأَسْماء وأَعْداء، وإِنْ جَمَعها على

أَفْعُلٍ قال في جمعها أَوٍّ، وأَصلها أَوْوُوٌ، فلما وقعت الواوُ

طرَفاً مضموماً ما قَبْلَها أَبْدَلَ من الضمة كَسْرةً ومن الواو ياءً، وقال أَوٍّ كأَدْلٍ وأَحْقٍ، ومن كانت أَلفُ واو عنده مِن ياء قال إِذا جمَعَها

على أَفْعال أَيَّاءً، وأَصلها عنده أَوْياءٌ، فلما اجتمعت الواو والياء

وسَبَقَتِ الواوُ بالسكون قُلبت الواوُ ياء وأُدْغِمت في الياء التي

بعدها، فصارت أَيَّاء كما ترى، وإن جمعَها على أَفْعُل قال أَيٍّ وأَصلها

أَوْيُوٌ، فلما اجتمعت الواو والياء وسَبَقت الواوُ بالسكون قُلِبت الواو

ياء وأُدغمت الأُولى في الثانية فصارت أَيُّوٌ، فلما وقعت الواو طرَفاً

مضموماً ما قبلها أُبْدِلت من الضمة كسرة ومن الواو ياء، على ما ذكرناه

الآنَ، فصار التقدير أَيْيِيٌ فلما اجتمعَت ثَلاثُ ياءَاتٍ، والوُسْطَى منهن

مكسورة، حُذفت الياء الأَخيرة كما حذفت في تَحْقِير أَحْوَى أُحَيٍّ

وأَعْيا أُعَيٍّ، فكذلك قلت أَنت أَيضاً أَيٍّ كأَدْلٍ‏.‏ وحكى ثعلب أَن بعضهم

يقول‏:‏ أَوَّيْتُ واواً حَسَنةً، يجعل الواو الأُولى هَمزةً لاجتماع

الواوات‏.‏ قال ابن جني‏:‏ وتُبْدَلُ الواو من الباء في القَسَم لأَمْرَيْنِ‏:‏

أَحدهما مُضارَعَتُها إِياها لفظاً، والآخر مُضارَعَتُها إِيَّاها مَعْنًى، أَما اللفظ فلأنّ الباء من الشفة كما أَنَّ الواو كذلك، وأَما المعنى

فلأَنَّ الباء للإِلصاق والواوَ للاجتماع، والشيءُ إِذا لاصَقَ الشيءَ فقد

اجتمع معه‏.‏ قال الكسائي‏:‏ ما كان من الحُرُوف على ثلاثة أَحْرُفٍ وسَطُه

أَلف ففي فِعْلِه لغتان الواو والياء كقولك دَوَّلْت دالاً وقَوَّفْتُ

قافاً أَي كَتَبْتها، إِلا الواو فإِنها بالياء لا غير لكثرة الواوات، تقول

فيها وَيَّيْتُ واواً حَسَنةً، وغير الكسائي يقول‏:‏ أَوَّيْتُ أَوْ

وَوَّيْتُ، وقال الكسائي‏:‏ تقول العرب كلِمةٌ مُؤَوَّاةٌ مثل مُعَوّاةٍ أَي

مَبْنِيَّةٌ من بناتِ الواو، وقال غيره‏:‏ كلمة مُوَيَّاةٌ من بنات الواو، وكلمة

مُيَوّاةٌ من بنات الياء، وإِذا صَغَّرْتَ الواو قُلتَ أُوَيَّةٌ‏.‏

ويقال‏:‏ هذه قصيدة واوِيَّةٌ إِذا كانت على الواو، قال الخليل‏:‏ وجدْتُ كلَّ واو

وياء في الهجاء لا تعتمد على شيء بعدها ترجع في التصريف إِلى الياء نحو

يَا وفَا وطَا ونحوه، والله أَعلم‏.‏ التهذيب‏:‏ الواو

معناها في العَطْفِ وغَيْرِه فعل الأَلف مهموزة

وساكنة فعل الياء‏.‏ الجوهري‏:‏ الواو من حروف العطف تجمع الشيئين ولا تدلُّ على

الترتيب، ويدخل عليها أَلف الاستفهام كقوله تعالى‏:‏ أَوَعَجِبْتُم أن جاءَكم ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكم على رَجُل؛ كما تقول أَفَعَجِبْتُم؛ وقد تكون

بمعنى مَعْ لما بينهما من المناسبة لأَن مَع للمصاحبة كقول النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ بُعِثْتُ أنا والساعةَ كهاتَيْنِ، وأَشار إِلى السَّبَّابةِ

والإِبْهام، أَي مَع الساعةِ؛ قال ابن بري‏:‏ صوابه وأَشار إِلى

السبَّابةِ والوُسْطَى، قال‏:‏ وكذلك جاء في الحديث؛ وقد تكون الواو للحال كقولهم‏:‏

قُمْتُ وأَصُكُّ وجْهَه أَي قمتُ صاكًّا وجْهَه، وكقولك‏:‏ قُمتُ والناسُ

قُعودٌ، وقد يُقْسَمُ بها تقول‏:‏ واللهِ لقد كان كذا، وهو بَدَلٌ من الباء

وإِنما أُبْدِل منه لقُربه منه في المَخرج إِذ كان من حروف الشَّفة، ولا

يَتجاوَزُ الأَسماءَ المُظْهَرةَ نحو والله وحَياتِك وأَبيك؛ وقد تكون

الواو ضمير جماعة المذكَّر في قولك فعَلُوا ويَفْعَلُون وافْعَلُوا؛ وقد

تكون الواو زائدة؛ قال الأَصمعي‏:‏ قلت لأَبي عمرو قولهم رَبَّنا ولكَ الحمدُ

فقال‏:‏ يقول الرجل للرجل بِعْني هذا الثوبَ فيقول وهو لك وأَظنه أَراد هو لك؛ وأَنشد الأَخفش‏:‏

فإِذا وذلِك، يا كُبَيْشةُ، لَمْ يَكُنْ

إِلاَّ كَلَمَّةِ حالِمِ بخَيالِ

كأَنه قال‏:‏ فإِذا ذلك لم يكنْ؛ وقال زهير بن أَبي سُلْمى‏:‏

قِفْ بالدِّيارِ التي لم يَعْفُها القِدَمُ

بَلى، وغَيَّرَها الأَرْواحُ والدِّيَمُ

يريد‏:‏ بلى غَيَّرَها‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ حتى إِذا جاؤُوها وفُتِحَتْ

أَبوابها؛ فقد يجوز أَن تكون الواو هنا زائدة؛ قال ابن بري‏:‏ ومثل هذا لأَبي كَبير

الهُذلي عن الأَخفش أَيضاً‏:‏

فإِذا وذلِكَ ليسَ إِلاَّ ذِكْرَه، وإِذا مَضى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ

قال‏:‏ وقد ذَكر بعضُ أَهلِ العلم أَنَّ الواوَ زائدةٌ في قوله تعالى‏:‏

وأَوْحَيْنا إِليه لَتُنَبِّئَنَّهم بأَمرهم هذا؛ لأَنه جواب لَمَّا في قوله‏:‏ فلمَّا ذَهَبُوا به وأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوه في غَيابَةِ

الجُبِّ‏.‏ لتهذيب‏:‏ الواواتُ لها مَعانٍ مختلفة لكل معنًى منها اسم يُعْرَفُ به‏:‏

فمنها واوُ الجمع كقولك ضَرَبُوا ويَضْرِبُون وفي الأَسماء المُسْلِمون

والصالحون؛ ومنها واو العطف والفرقُ بينها وبين الفاءِ في المعطوف أَو

الواو يُعْطَفُ بها جملة على جملةٍ،لا تدلُّ على الترتيب في تَقْديم

المُقَدَّمِ ذِكْرُه على المؤخَّر ذكره، وأَما الفراء فإِنه يُوَصِّلُ بها ما بَعْدَها بالذي قبلها والمُقَدَّمُ هو الأَوَّل، وقال الفراء‏:‏ إِذا قلتَ

زُرْتُ عبدَ اللهِ وزيْداً فأَيَّهُما شئت كان هو المبتدأَ بالزيارة، وإن قلتَ زُرْتُ عبدَ الله فزَيْداً كان الأَولُ هو الأَولَ والآخِرُ هو الآخِر؛ ومنها واو القَسم تَخْفِضُ ما بَعْدَها، وفي التنزيل العزيز‏:‏

والطُّورِ وكِتابٍ مَسْطُور؛ فالواو التي في الطُّور هي واو القَسَمِ، والواوُ

التي هي في وكتابٍ مسْطورٍ هي واوُ العَطف، أَلا ترى أَنه لو عُطِف بالفاء

كان جائزاً والفاء لا يُقْسَم بها كقوله تعالى‏:‏ والذَّارِياتِ ذَرْواً

فالحامِلاتِ وِقْراً؛ غير أَنه إِذا كان بالفاء فهو مُتَّصِلٌ باليمين

الأُولى، وإِن كان بالواو فهو شيء آخَرُ أُقْسِمَ به؛ ومنها واوُ

الاسْتِنْكارِ، إِذا قلت‏:‏ جاءَني الحَسَنُ، قال المُسْتَنْكِرُ أَلحَسَنُوهْ، وإِذا

قلت‏:‏ جاءَني عَمرو، قال‏:‏ أَعْمْرُوهْ، يَمُدُّ بواو والهاء للوقفة؛ ومنها واو الصِّلة في القَوافي كقوله‏:‏

قِفْ بالدِّيار التي لم يَعْفُها القِدَمُو

فَوُصِلَتْ ضَمَّةُ المِيمِ بواو تَمَّ بها وزن البيت؛ ومنها واوُ

الإِشْباع مثل قولهم البُرْقُوعُ والمُعْلُوقُ، والعرب تصل الضمة بالواو‏.‏ وحكى

الفراء‏:‏ أَنْظُور، في موضع أَنْظُر؛ وأَنشد‏:‏

لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَن يَرْقُودا

فانْهَضْ، فشُدَّ المِئْزَرَ المَعْقُودا

أَراد‏:‏ أَن يَرْقُدَ فأَشْبَعَ الضمةَ ووصَلَها بالواو ونَصَب يَرْقُود

على ما يُنْصَبُ به الفعلُ؛ وأَنشد‏:‏ الله يَعْلَم أَنَّا، في تَلفُّتِنا، يومَ الفِراقِ، إِلى إِخوانِنا، صُورُ

وأَنَّني حَيْثُما يَثْني الهَوَى بَصَري، من حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنُو فأَنْظُورُ

أَراد‏:‏ فأَنْظُر؛ ومنها واو التَّعايي كقولك‏:‏ هذا عمْرُو، فيَسْتَمِدُّ

ثم يقولُ مُنْطَلِقٌ، وقد مَضى بعضُ أَخواتِها في ترجمة آ في الأَلِفات، وستأْتي بَقِيَّةُ أَخَواتها في ترجمة يا؛ ومنها مَدُّ الاسم بالنِّداء

كقولك أَيا قُورْط، يريد قُرْطاً، فمدّوا ضمة القاف بالواو ليَمْتَدَّ

الصَّوتُ بالنداء؛ ومنها الواو المُحَوَّلةُ نحو طُوبى أَصلها طُيْبى

فقُلِبت الياء واواً لانضمام الطاءِ قبلها، وهي من طاب يَطيبُ؛ ومنها واو

المُوقنين والمُوسِرين أَصلها المُيْقِنين من أَيْقَنْتُ والمُيْسِرين من أَيْسَرْتُ؛ ومنها واوُ الجَزْمِ المُرْسَلِ مثلُ قوله تعالى‏:‏ ولَتَعْلُنَّ

عُلُوًّا كبيراً؛ فأُسْقِطَ الواو لالتقاء الساكنين لأَن قبْلَها ضَمَّةً

تَخْلُفها؛ ومنها جَزْمُ الواو

المنبسط كقوله تعالى‏:‏ لَتُبْلَوُنَّ في أَموالكم؛ فلم يُسْقِطِ الواو وحَرّكها لأَن قبلها فتحة لا تكون عِوضاً منها؛ هكذا رواه

المنذري عن أَبي طالب النحوي، وقال‏:‏ إِنما يَسْقُط أَحَدُ الساكنين إِذا

كان الأَوّل من الجَزم المُرْسَل واواً قبلها ضمة أَو ياء قبلها كسرة أَو

أَلفاً قبلها فتحة، فالأَلف كقولك للاثنين اضْرِبا الرجل، سقطت الأَلف

عنه لالتقاء الساكنين لأَن قبلها فتحة، فهي خَلَفٌ منها، وسنذكر الياء في ترجمتها؛ ومنها واواتُ الأَبْنِية مثل الجَوْرَبِ والتَّوْرَبِ للتراب

والجَدْوَلِ والحَشْوَرِ وما أَشبهها؛ ومنها واو الهمز في الخط واللفظ، فأَما الخط فقولك‏:‏ هذِه شاؤُك ونِساؤُك، صُوِّرَتِ الهمزة واواً لضمتها، وأَما اللفظ فقولك‏:‏ حَمْراوانِ وسَوْداوان، ومثل قولك أُعِيذُ بأَسْماوات الله وأَبْناواتِ سَعْدٍ ومثل السَّمَواتِ وما أَشْبهها؛ ومنها واو النِّداء

وَواوُ النُّدْبة، فأَما النِّداء فقولك‏:‏ وازَيْد، وأَما النُّدبة

فكقولك أَو كقول النَّادِبة‏:‏ وازَيْداهْ والَهْفاهْ واغُرْبَتاهْ ويا زَيداه

ومنها واواتُ الحال كقولك‏:‏ أَتَيْتُه والشمسُ طالِعةٌ أَي في حال

طُلُوعها، قال الله تعالى‏:‏ إِذْ نادى وهوَ مَكْظُوم؛ ومنها واوُ الوَقْتِ كقولك‏:‏

اعْمَل وأَنتَ صَحِيحٌ أَي في وقْتِ صِحَّتِك، والآنَ وأَنت فارِغٌ، فهذه واوُ الوقت وهي قَريبة من واو الحال؛ ومنها واوُ الصَّرْفِ، قال الفراء‏:‏ الصَّرْفُ أَنْ تأْتي الواوُ مَعْطُوفةً على كلام في أَوّله حادِثةٌ لا

تَسْتَقِيمُ إِعادَتُها على ما عُطِفَ عليها كقوله‏:‏

لا تَنْهَ عَنْ خُلْقٍ وتَأْتيَ مِثْلَه، عارٌ عَلَيْكَ، إِذا فَعَلْتَ، عَظِيمُ

أَلا ترى أَنه لا يجوز إِعادة لا على وتَأْتيَ مِثْلَه، فلذلك سُميَ

صَرْفاً إِذْ كان معطوفاً ولم يَسْتَقِم أَن يُعادَ فيه الحادثُ الذي فيما

قَبْلَه؛ ومنها الواواتُ التي تدخلُ في الأَجْوِبةِ فتكون جواباً مع

الجَوابِ، ولو حُذِفت كان الجوابُ مُكْتَفِياً بنفسه؛ أَنشد الفراء‏:‏

حتى إِذا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ، ورَأَيْتُمُ أَبْناءَكُمْ شَبُّوا

وقَلَبْتُمُ ظَهْرَ المِجَنِّ لنا، إِنَّ اللَّئِيمَ العاجِزُ الخَبُّ

أَراد قَلَبْتُم‏.‏ ومثله في الكلام‏:‏ لمَّا أَتاني وأَثِبُ عليه، كأَنه

قال‏:‏ وَثَبْتُ عليه، وهذا لا يجوز إِلاَّ مع لَمَّا حتى إِذا‏.‏ قال ابن السكيت‏:‏ قال الأَصمعي

قلت لأَبي عَمْرو بن العَلاء رَبَّنا ولكَ الحَمْدُ ما هذه الواوُ‏؟‏ فقال‏:‏

يقول الرَّجُل للرَّجُل بِعْني هذا الثَّوْبَ، فيقول‏:‏ وهو لك، أَظُنُّه

أَراد هُوَ لكَ؛ وقال أَبو كبير الهذلي‏:‏

فإِذا وذلِكَ ليْسَ إِلاَّ حِينَه، وإِذا مَضَى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ

أَراد‏:‏ فإِذا ذلكَ يعني شَبابَه وما مَضَى مِن أَيّام تَمَتُّعه؛ ومنها

واو النِّسبة، روي عن أَبي عَمرو بن العَلاء أَنه كان يقول‏:‏ يُنْسَبُ

إِلى أَخٍ أَخَويٌّ، بفتح الهمزة والخاء وكسر الواو، وإِلى الرِّبا

رِبَوِيٌّ، وإِلى أُخْتٍ أُخَويٌّ، بضم الهمزة، وإِلى ابْن بَنَوِيٌّ، وإِلى

عالِيةِ الحِجاز عُلْوِيٌّ، وإِلى عَشِيَّة عَشَوِيٌّ، وإِلى أَبٍ أَبَوِيٌّ؛ ومنها الواوُ الدَّائمةُ، وهي كل واوٍ تُلابِسُ الجَزاء ومعناها

الدَّوامُ، كقولك‏:‏ زٌرْني وأَزُورَكَ وأَزُورُكَ، بالنصب والرفع، فالنَّصْبُ على

المُجازاةِ، ومَن رفع فمعناه زيارَتَكَ عليَّ واجبةٌ أُدِيمُها لك على

كلِّ حالٍ؛ ومنها الواو الفارِقةُ، وهي كلُّ واوٍ دَخَلت في أَحَدِ

الحَرْفين المُشْتَبِهين ليُفْرَقَ بينَه وبين المُشْبهِ له في الخَطِّ مثل

واوِ أُولئِك وواو أُولو‏.‏ قال الله عز وجل‏:‏ غَيْرُ أُولي الضَّرَرِ وغَيْرِ

أُولي الإِرْبةِ؛ زيدت فيها الواو في الخط لتَفْرُق بينَها وبينَ ما شاكَلَها في الصُّورةِ مِثْل إِلى وإِلَيْك؛ ومنها واو عَمْرو، فإِنها زيدَتْ

لِتَفْرُقَ بينَ عَمْروٍ وعُمَرَ، وزيدتْ في عَمْرٍو دونَ عُمَرَ لأن عُمَرَ أَثقَلُ من عَمْرٍو؛ وأَنشد ابن السكيت‏:‏

ثمَّ تَنادَوْا، بينَ تِلْكَ الضَّوْضَى

مِنْهُمْ‏:‏ بِهابٍ وهَلا ويايا

نادَى مُنادٍ مِنْهُمُ‏:‏ أَلا تا، صَوْتَ امْرِئٍ للجُلَّياتِ عَيّا

قالُوا جَمِيعاً كُلُّهُم‏:‏ بَلافا

أَي بَلَى فإِنَّا نَفْعَلُ، أَلا تا‏:‏ يُريد تَفْعَلُ، والله أَعلم‏.‏

الجوهري‏:‏ الواوا صَوْتُ ابْن آوَى‏.‏ وَوَيْكَ‏:‏ كلمةٌ مِثل وَيْبَ ووَيْحَ، والكافُ للخِطاب؛ قال زيد بن عَمرو بن نُفَيْل ويقال هو لِنُبَيْهِ بن الحجاج السَّهْمِي‏:‏

وَيْكَ أَنَّ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ *** ـبَبْ، ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرَّ

قال الكسائي‏:‏ هو وَيْكَ، أُدْخِلَ عليه أَنَّ ومعناه أَلم تَرَ؛ وقال الخليل‏:‏ هي وَيْ مَفْصُولة ثم تَبتدِئُ فتقول كأَنَّ، والله أَعلم‏.‏

يا‏:‏ حَرْفُ نِداء، وهي عامِلةٌ في الاسم الصَّحِيح وإِن كانت حرفاً، والقولُ في ذلك أَنَّ لِيا في قيامِها مَقامَ الفعل خاصةً ليست للحروف، وذلك أَنَّ الحروفَ قد تَنُوبُ عن الأَفعال كهَلْ فإِنها تَنُوبُ عن

أَسْتَفْهِمُ، وكما ولا فإِنهما يَنْوبانِ عن أَنْفِي، وإِلاَّ تَنُوبُ عن

أَسْتَثْني، وتلك الأَفعال النائبةُ عنها هذه الحروفُ هي الناصِبة في الأَصل، فلما انصَرَفَتْ عنها إِلى الحَرْف طَلَباً للإِيجاز ورَغْبةً عن

الإِكثار أَسْقَطْتَ عَمَلَ تلك الأَفعال ليَتِمَّ لك ما انْتَحَيْتَه من الاختصار، وليس كذلك يا، وذلك أَنَّ يا نفسَها هي العامِلُ الواقِعُ على

زيد، وحالُها في ذلك حال أَدْعُو وأُنادي، فيكون كلُّ واحد منهما هو العامِل في المفعول، وليس كذلك ضَرَبْتُ وقَتَلْتُ ونحوه، وذلك أَنَّ قَولَكَ

ضَرَبْتُ زيداً وقتَلْتُ بِشْراً العامِلُ الواصِلُ إِليهما المُعَبَّرُ

بقولك ضَرَبْتُ عنه ليس هو نَفْسَ ض ر ب ت، إِنما ثَمَّ أَحْداثٌ هذه

الحروف دِلالةٌ عليها، وكذلك القَتْلُ والشَّتْمُ والإِكْرامُ ونحوُ ذلك، وقولُك أُنادي عبدَ اللهِ وأُكْرِمُ عبد الله ليس هنا فعلٌ واقعٌ على عبدِ الله غير هذا اللفظِ، ويا نفسُها في المعنى كأَدْعُو، أَلا ترى أَنك إِنما

تذكر بعد يا اسماً واحداً، كما تذكُره بعد الفِعْلِ المُسْتَقِلِّ

بفاعِلِه، إِذا كان مُتَعَدِّياً إِلى واحد كضربت زيداً‏؟‏ وليس كذلك حرفُ

الاستفهام وحرفُ النَّفْي، وإِنما تُدْخِلُها على الجملة المستقلة، فتقول‏:‏ ما قامَ زيد وهل زيدٌ أَخوك، فلما قَوِيَت يا في نفسها وأَوْغَلَتْ في شَبَهِ الفعل تَوَلَّتْ بنفسها العمل؛ وقولُه أَنشده أَبو زيد‏:‏

فخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ الناسِ مِنْكُم، إِذا الدَّاعِي المُثَوِّبُ قالَ‏:‏ يالا

قال ابن جني‏:‏ سأَلني أَبو علي عن أَلف يا من قوله في قافِيةِ هذا البيت

يالا فقال‏:‏ أَمُنْقَلِبةٌ هي‏؟‏ قلتُ‏:‏ لا لأَنها في حَرْفٍ أَعني يا، فقال‏:‏

بل هي منقلبة، فاستدللت على ذلك، فاعتصم بأَنها قد خُلِطَتْ باللام

بعدَها ووُقِفَ عليها فصارت اللام كأَنها جزء منها فصارت يال بمنزلة قال، والأَلف في موضع العين، وهي مجهولة فينبغي أَن يُحكم عليها بالانقلاب عن

واوٍ، وأَرادَ يالَ بَني فُلانٍ ونحوه‏.‏ التهذيب‏:‏ تقول إِذا نادَيْتَ الرجلَ

آفُلانُ وأَفلان وآيا فُلانُ، بالمدِّ، وفي ياء النِّداء لغات، تقول‏:‏ يا

فلانُ أَيا فلانُ آيا فلانُ أَفلانُ هَيا فلانُ، الهاء مبدلة من الهمز في أَيا فلان، وربما قالوا فلانُ بلا حرف النداء أَي يا فلانُ‏.‏ قال ابن كيسان‏:‏ في حروف النداء ثمانية أَوجه‏:‏ يا زَيْدُ ووازَيْدُ وأَزَيْدُ وأَيا

زَيْدُ وهَيا زَيْدُ وأَيْ زَيْدُ وآيا زَيْدُ وزَيْدُ؛ وأَنشد‏:‏

أَلم تَسْمَعي، أَيْ عَبْدُ، في رَوْنَقِ الضُّحى

غِناءَ حَماماتٍ لَهُنَّ هَدِيلُ‏؟‏

وقال‏:‏

هَيا أُمَّ عَمْرٍو، هل ليَ اليومَ عِنْدَكُمْ، بَغَيْبَةِ أَبْصارِ الوُشاةِ، رَسُولُ‏؟‏

وقال‏:‏

أَخالِدُ، مَأْواكُمْ لِمَنْ حَلَّ واسِع

وقال‏:‏

أَيا ظَبْيةَ الوَعْساءِ بَيْنَ حُلاحِلٍ

التهذيب‏:‏ ولِلْياءَاتِ أَلْقابٌ تُعْرَفُ بها كأَلقابِ الأَلِفات‏:‏ فمنها

ياء التأْنيث في مثل اضْرِبي وتَضْرِبِين ولم تَضْرِبي، وفي الأَسْماء

ياء حُبْلى وعَطْشى، يقال هما حُبْلَيانِ وعَطْشَيانِ وجُمادَيانِ وما

أَشبهها، وياء ذِكْرى وسِيما؛ ومنها ياء التَّثنية والجمع كقولك رأَيتُ

الزَّيْدَيْنِ وفي الجمع رأَيتُ الزَّيْدِينَ، وكذلك رأَيت الصَّالِحَيْن

والصَّالِحِينَ والمُسْلِمَيْن والمُسْلِمَينَ؛ ومنها ياء الصِّلة في القوافي كقوله‏:‏

يا دارَ مَيَّة بالعَلْياء فالسَّنَدِي

فوصل كسرة الدال بالياء، والخليل يُسميها ياء التَّرنُّم، يَمُدُّ بها

القَوافي، والعرب تَصِلُ الكَسرة بالياء؛ أَنشد الفراء‏:‏

لا عَهْدَ لي بِنِيضالِ، أَصْبَحْتُ كالشَّنِّ البالي

أَراد‏:‏ بنِضال؛ وقال‏:‏

على عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمالي

أَراد‏:‏ شِمالي فوصل الكسرة بالياء؛ ومنها ياء الإِشْباع في المَصادِر

والنعوت كقولك‏:‏ كاذَبْتُه كيذاباً وضارَبْته ضِيراباً أَراد كِذاباً

وضِراباً، وقال الفراء‏:‏ أَرادوا أَن يُظْهِروا الأَلف التي في ضارَبْتُه في المصدر فجعلوها ياء لكَسْرةِ ما قَبْلها؛ ومنها ياءُ مِسْكِينٍ وعَجِيب، أَرادوا بناء مِفْعِلٍ وبناء فَعِلٍ فأَشْبَعُوا بالياء، ومنها الياءُ

المُحَوَّلةُ مثل ياء الميزان والمِيعاد وقِيلَ ودُعِيَ ومُحِيَ، وهي في الأَصل واو فقلبت ياء لكسرة ما قبلها؛ ومنها ياءُ النداء كقولك يا زَيْدُ، ويقولون أَزَيْدُ؛ ومنها ياء الاسْتِنْكار كقولك‏:‏ مَرَرْتُ بالحَسَن، فيقول

المُجِيبُ مُسْتَنْكِراً لقوله‏:‏ أَلحَسَنِيهْ،مدَّ النون بياء وأَلْحَقَ

بها هاء الوقفة؛ ومنها ياء التَّعايي كقولك‏:‏ مَرَرْتُ بالحَسَني ثم تقول

أَخي بَني فُلانٍ، وقد فُسِّرت في الأَلِفات في ترجمة آ، ومن باب

الإِشباع ياءُ مِسْكِينٍ وعَجِيبٍ وما أَشبهها أَرادوا بناء مِفْعِلٍ، بكسر

الميم والعين، وبناء فَعِلٍ فأَشبعوا كسرة العين بالياء فقالوا مِفْعِيل

وعَجِيب؛ ومنها ياء مدِّ المُنادي كنِدائهم‏:‏ يابِّشْر، يَمُدُّون أَلف يا

ويُشَدِّدون باء بِشْر ويَمُدُّونها بياء يا بيشر، يَمُدُّون كسرة الباء بالياء فيَجْمعُون

بين ساكنين ويقولون‏:‏ يا مُنْذِير، يريدون يا مُنْذِرُ، ومنهم من يقول يا

بِشير فيَكْسِرون الشين ويُتبعُونها الياء يمدونها بها يُريدون يا

بِشْرُ؛ ومنها الياءُ الفاصِلةُ في الأَبْنية مثل ياء صَيْقَلٍ وياء بَيْطارٍ

وعَيْهرةٍ وما أَشبهها؛ ومنها ياء الهمزة في الخَطِّ مرة وفي اللَّفْظ

أُخرى‏:‏ فأَما الخَطُّ فمِثْلُ ياء قائمٍ وسائل وشائل صُوِّرَتِ الهَمزةُ ياء

وكذلك من شُرَكائهم وأُولئك وما أَشْبَهها، وأَما اللَّفْظُ فقولهم في جمع الخَطِيئة خَطايا وفي جمع المِرآة مَرايا، اجتمعت لهم همزتان

فَكَتَبُوهما وجَعَلُوا إِحداهما أَلفاً؛ ومنها ياءُ التَّصْغِير كقولك في تَصغير

عَمْرو عُمَيْر، وفي تصغير رجل رُجَيْل، وفي تصغير ذا ذَيَّا، وفي تصغير

شَيْخ شُوَيْخ؛ ومنها الياء المُبدلةُ من لام الفعل كقولهم الخامي

والسَّادي للخامس والسَّادِس، يفعلون ذلك في القَوافي وغيرِ القَوافي؛ ومنها

ياء الثَّعالي، يريدون الثَّعالِبَ؛ وأَنشد‏:‏

ولِضَفادِي جَمِّه نَقانِقُ

يريد‏:‏ ولِضَفادِعِ؛ وقال الآخر‏:‏

إِذا ما عُدَّ أَربعةٌ فِسالٌ، فزَوْجُكِ خامِسٌ وأَبُوك سادِي

ومنها الياء الساكنة تُترك على حالها في موضع الجزم في بعض اللغات؛ وأَنشد الفراء‏:‏

أَلم يأْتِيكَ، والأَنْباء تَنْمي، بما لاقَتْ لَبُونُ بَني زِيادِ‏؟‏

فأَثْبَتَ الياء في يأْتِيكَ وهي في موضع جَزْم؛ ومثله قولهم‏:‏

هُزِّي إِليكِ الجِذْعَ يَجْنِيكِ الجَنى

كان الوجْه أَن يقول يَجْنِكِ بلا ياء، وقد فعلوا مثل ذلك في الواو؛ وأَنشد الفراء‏:‏

هَجَوْتَ زَبَّانَ، ثم جِئْتَ مُعْتَذِراً

مِن هَجْو زَبَّانَ، لم تَهْجُو ولم تَدَعِ

ومنها ياء النداء وحذفُ المُنادى وإضمارهُ كقول الله عز وجل على قراءة

من قرأَ‏:‏ أَلا يَسْجُدوا لله؛ بالتخفيف، المعنى أَلا يا هؤلاء اسْجُدوا

لله؛ وأَنشد‏:‏

يا قاتَلَ اللهُ صِبْياناً تجِيءُ بهم

أُمُّ الهُنَيْنَيْنِ مِن زَنْدٍ لها واري

كأَنه أَراد‏:‏ يا قومِ قاتَلَ اللهُ صِبْياناً؛ ومثله قوله‏:‏

يا مَن رَأَى بارِقاً أُكَفْكِفُه

بين ذِراعَيْ وجَبْهَةِ الأَسَد

كأَنه دَعا‏:‏ يا قَوْمِ يا إخْوتي، فلما أَقْبَلُوا عليه قال من رأَى؛ ومنها ياء نداء ما لا يُجيب تَنْبيهاً لمن يَعْقِلُ، من ذلك؛ قال الله تعالى‏:‏ يا حَسْرةً على العباد، ويا وَيْلَتا أَأَلِدُ وأَنا عَجوزٌ؛ والمعنى

أَنَّ استهزاء العباد بالرُّسُل صارَ حَسْرةً عليهم فنُودِيَتْ تلك

الحَسْرةُ تَنْبيهاً للمُتَحَسِّرين، المعنى يا حَسْرَةً على العبادِ أَين

أَنْتِ فهذا أَوانُك، وكذلك ما أَشبهه؛ ومنها ياءَاتٌ تدل على أَفْعال بعدها

في أَوائلها ياءَاتٌ؛وأَنشد بعضهم‏:‏

ما للظَّلِيم عاكَ كيف لا يا

يَنْقَدُّ عنه جِلْدُه إِذا يا

يُذْرى الترابُ خَلْفَه إِذْ رايا

أَراد‏:‏ كيف لا يَنْقَدُّ جِلْدُه إِذا يُذْرى الترابُ خَلْفَهُ؛ ومنها

ياء الجزْمِ المُنْبَسِط، فأَمّا ياء الجزْم المُرْسَل فكقولك أَقْضي

الأَمْرَ، وتُحْذَفُ لأَن قبْلَ الياء كسرة تخلُف منها، وأَما ياء الجَزْم

المُنْبَسِط فكقولك رأَيتُ عبدَيِ الله ومررت بعبدَيِ اللهِ، لم يكن قبل

الياء كسرة فتكون عِوَضاً منها فلم تَسْقُط، وكُسِرت لالتقاء الساكنين ولم تَسْقُط لأَنه ليس منها خَلف‏.‏ ابن السكيت‏:‏ إذا كانت الياء زائدة في حَرف

رُباعيّ أَو خُماسِيٍّ أَو ثُلاثِيٍّ فالرُّباعِيُّ كالقَهْقَرى

والخَوْزَلى وبعيرٌ جَلْعَبى، فإِذا ثَنَّتْه العربُ أَسْقَطَتِ الياء فقالوا

الخَوْزلانِ والقَهْقَرانِ، ولم يُثْبِتوا الياء فيقولوا الخَوْزَليانِ ولا

القَهْقَريانِ لأَن الحرفَ كُرّرَ حُروفه، فاستثقلوا مع ذلك جمع الياء مع

الأَلف، وذلك أَنهم يقولون في نَصْبِه لو ثُنِّي على هذا

الخَوْزَلَيَيْن فَثَقُلَ وسقطت الياء الأُولى، وفي الثلاثي إِذا حُرِّكَتْ حروفه كلها

مثل الجَمَزَى والوَثَبى، ثم ثَنَّوْه فقالوا الجَمَزانِ والوَثَبانِ

ورأَيت الجَمَزَيْن والوَثَبَيْنِ؛ قال الفراء‏:‏ ما لم يجتمع فيه ياءَانِ

كتَبْتَه بالياء للتأْنِيث، فإذا اجْتَمَع الياءَانِ كتَبْت إحداهما أَلفاً

لِثقلِهما‏.‏ الجوهري‏:‏ يا حَرْفٌ مِن حُروف المعجم، وهي من حُرُوفِ

الزِّيادات ومِن حروف المدِّ واللِّين، وقد يكنى بها عن المُتَكَلم المَجْرورِ، ذكراً كان أَو أُنثى، نحو قولك ثَوْبي وغُلامي، وإن شئتَ فَتَحْتَها، وإن شئت سَكَّنْت، ولك أَن تَحْذِفَها في النِّداء خاصّةً، تقول‏:‏ يا قوْمِ

ويا عِبادِ، بالكسر، فإِن جاءتْ بعدَ الأَلف فَتَحْتَ لا غيرُ نحو

عَصايَ ورَحايَ، وكذلك إنْ جاءتْ بعد ياء الجمع كقوله تعالى‏:‏ وما أَنتُم

بمُصْرِخيَّ؛ وأَصله بمُصْرخِيني، سقطت النونُ للإِضافةِ، فاجتمع الساكِنانِ

فحُرِّكَت الثانيةُ بالفتح لأَنها ياء المُتكلم رُدَّت إِلى أَصْلِها، وكَسَرَها بعضُ القراءِ تَوَهُّماً أَنّ الساكن إِذا حُرِّكَ حُرِّكَ إِلى

الكسر، وليس بالوجه، وقد يكنى بها عن المُتكلم المنصوب إِلا أَنه لا بدّ

له من أَن تُزاد قبلها نُونُ وقاية للفعل ليَسْلَم من الجَرِّ، كقولك‏:‏

ضَرَبَني، وقد زيدت في المجرور في أَسماء مَخْصُوصةٍ لا يُقاسُ عليها نحو

مِنِّي وعَنِّي ولَدُنِّي وقَطنْي، وإنما فعلوا ذلك ليَسلم السُّكون الذي

بُنيَ الاسمُ عليه، وقد تكون الياء علامة للتأْنيث كقولك‏:‏ إِفْعَلي وأَنتِ

تَفْعَلِينَ، قال‏:‏ وويا حرف يُنادي به القَريبُ والبَعِيدُ، تقول‏:‏ يا

زَيْدُ أَقْبِلْ؛ وقولُ كُلَيْبِ بن ربِيعةَ التَّغْلَبي‏:‏

يا لَكِ منْ قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ، خَلا لَكِ الجوُّ فبيضي واصْفِري

فهي كلمة تعجب‏.‏ وقال ابن سيده‏:‏ الياء حرفُ هجاء وهو حَرْفٌ مَجْهُور

يكون أَصْلاً وبَدلاً وزائداً، وتَصْغيرها يُوَيَّةٌ‏.‏ وقصيدة واوِيَّةٌ إِذا

كانت على الواو، وياوِيَّةٌ على الياء‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ ياوِيَّةٌ ويائِيةٌ

جميعاً، وكذلك أَخَواتُها، فأَما قولهم يَيَّيْتُ ياء فكان حكمه يَوَّيْت

ولكنه شذ‏.‏ وكلمة مُيَوّاةٌ من بنات الياء‏.‏ وقال الليث‏:‏ مَوَيَّاةٌ أَي

مَبْنية من بنات الياء؛ قال‏:‏ فإِذا صَغَّرْتَ الياء قلت أُيَيَّةٌ‏.‏ ويقال‏:‏

أَشْبَهَتْ ياؤكَ يائي وأَشْبهت ياءك بوزن ياعَكَ، فإِذا ثنيت قلت

ياءَىَّ بوزن ياعَيَّ‏.‏ وقال الكسائي‏:‏ جائز أَن تقول يَيَّيْتُ ياء حَسَنةً‏.‏

قال الخليل‏:‏ وجدْتُ كلَّ واو أَو ياء في الهجاء لا تعتمد على شيء بَعْدَها

ترجع في التصريف إلى الياء نحو يا وفا وطا ونحوه‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وأَما

قولُه تعالى أَلا يا اسْجدُوا، بالتخفيف، فالمَعْنى يا هَؤُلاء اسْجُدوا، فحُذِفَ المُنادى اكْتِفاء بحَرف النِّداء كما حُذِفَ حَرْفُ النِّداء

اكْتِفاء بالمُنادى في قوله تعالى‏:‏ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَن هَذا؛ إذْ كان

المُراد مَعْلوماً؛ وقال بعضهم‏:‏ إنّ يا في هذا المَوْضِع إنما هو للتَّنْبِيه

كأَنه قال‏:‏ أَلا اسْجُدُوا، فلما أُدْخل عليه يا التَّنْبِيه سَقَطَتِ

الأَلِفُ التي في اسْجُدوا لأَنها أَلفُ وَصْلٍ، وذهَبَت الأَلف التي في يا

لاجْتماع الساكنين لأَنها والسين ساكنتان؛ وأَنشد الجوهري لذي الرمة هذا

البيت وختم به كتابه، والظاهر أَنه قَصد بذلك تفاؤُلاً به، وقد خَتَمْنا

نحن أَيضاً به كتابنا، وهو‏:‏

أَلا يا أسْلَمِي، يا دارَ مَيَّ، عَلى البِلى *** ولا زالَ مُنْهلاًّ بِجَرْعائكِ القَطْرُ

انتهى الكتاب والحمد لله‏.‏